في خطوة وُصفت بأنها الأهم في مسيرة تطوير التعليم خلال السنوات الأخيرة، أعلنت وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية عن قرار جديد يفتح أبواب الأمل أمام آلاف خريجي الثانوية العامة، حيث سمحت لهم بالالتحاق مجددًا بالدراسة لمدة عامين إضافيين بهدف تمكينهم من رفع معدلاتهم التراكمية وتحسين فرصهم التعليمية والوظيفية وهذا القرار لم يأتِ من فراغ، بل جاء استجابة واقعية لحاجة فئة كبيرة من الطلاب الذين لم يحالفهم الحظ في تحقيق المعدل المطلوب، أو الذين يرغبون في إعادة بناء مسارهم الأكاديمي من جديد، ضمن رؤية الدولة الداعمة للتطوير المستمر وتمكين الشباب من تحقيق أفضل النتائج كنعدد بناء على ما تم الاعلان عنه رسميا من الجهات المختصة .
قرار يعيد التوازن ويمنح فرصة ثانية
القرارات التعليمية غالبًا ما تُحدث ضجة، لكن هذا القرار تحديدًا لاقى ترحيبًا واسعًا من أولياء الأمور والطلاب على حد سواء. ففكرة أن الطالب يستطيع العودة إلى مقاعد الدراسة بعد التخرج ليست مجرد إجراء إداري، بل نافذة أمل حقيقية تعيد الثقة في النفس وتمنح الفرصة لإعادة تصحيح المسار. كثير من الطلاب قد يمرون بظروف صحية أو نفسية أو حتى اجتماعية خلال فترة الثانوية، مما يؤثر على تحصيلهم الدراسي ويقلل من معدلاتهم. والآن، بفضل هذا القرار، يستطيع هؤلاء الطلاب تعويض ما فاتهم، واستعادة طاقاتهم الأكاديمية، ومنافسة أقرانهم من جديد في القبول الجامعي أو المنح أو حتى الوظائف التي تشترط معدلات معينة.
اقرأ أيضا: الموارد البشرية تزف البشارة .. تحويل فئة كبار السن إلى مؤهل وصرف الدعم الجديد قريبًا
كيف سيتم تطبيق القرار؟
وفق ما أوضحته وزارة التعليم، فإن النظام الجديد سيسمح لخريجي الثانوية بإعادة الدراسة في المواد التي يرغبون برفع درجاتها، على أن يتم ذلك ضمن إطار زمني لا يتجاوز عامين دراسيين بعد التخرج. يُتاح للطالب التسجيل في المدرسة التي تخرّج منها أو في مدرسة أخرى معتمدة، بحسب الإمكانيات المتاحة في كل إدارة تعليمية. كما سيتم احتساب الدرجات الجديدة ضمن المعدل التراكمي الرسمي بعد انتهاء فترة الدراسة الإضافية. وتهدف الوزارة من خلال هذا التنظيم إلى تحقيق العدالة التعليمية وتقدير الجهد الحقيقي للطلاب، بعيدًا عن الظروف المؤقتة التي قد تكون أثرت على مستواهم في فترة معينة.
اقرأ أيضا: أمطار رعدية غزيرة على عسير وجازان وضباب ورياح قوية تضرب عدة مناطق
من يستفيد من القرار؟
المستفيدون من هذا القرار هم كل الطلاب الذين أنهوا مرحلة الثانوية العامة في السنوات الأخيرة ولم يتمكنوا من تحقيق المعدل الذي يؤهلهم للقبول في التخصصات التي يرغبون بها. أيضًا، يشمل القرار من يرغب في تحسين نسبته من أجل التقديم على برامج الابتعاث أو التوظيف الحكومي والعسكري التي تشترط معدلًا أعلى. بمعنى آخر، هو قرار يفتح المجال أمام كل من يريد فرصة جديدة لبناء مستقبله، بعيدًا عن فكرة “فات الأوان”. فالكثير من الطلاب المتميزين قد يخسرون فرصًا ثمينة بسبب انخفاض بسيط في المعدل، رغم قدرتهم الكبيرة وإمكاناتهم الأكاديمية العالية، لذا جاءت هذه الخطوة لتعويض ذلك الخلل.
الجانب النفسي والاجتماعي للقرار
من الناحية النفسية، يمكن القول إن هذا القرار يحمل أثرًا بالغًا في نفوس الشباب. فكم من طالب شعر بالإحباط بعد صدور النتائج، وكم من أسرة عاشت قلقًا بسبب ضعف معدلات أبنائها؟ اليوم، الجميع يشعر بأن الأمل عاد مجددًا. فالمجتمع السعودي بطبيعته يقدّر التعليم، ويعتبر النجاح الدراسي جزءًا من هوية الإنسان وطريقه نحو المستقبل. لذا، فإن منح الطلاب فرصة ثانية يعني منحهم إحساسًا بالعدالة ودافعًا قويًا للإنجاز. بل إن بعض الخبراء يرون أن القرار سينعكس إيجابيًا على الصحة النفسية العامة للطلاب، إذ سيقلل من الشعور بالفشل، ويرسخ فكرة أن الخطأ أو الإخفاق مرحلة يمكن تجاوزها لا نهاية للطموح.
